اليوم العالمي للقانون.. احتفاء بالعدالة

كلمة سعادة الدكتورة/ مريم بطي السويدي 
الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع

إنه من دواعي سروري أن أتحدث إليكم اليوم في هذه المناسبة التي نحتفي فيها باليوم العالمي للقانون الذي بدأ الاحتفال به على النطاق العالمي ابتداء من العام 1965، الذي يعد بمثابة مناسبة جليلة لاستحضار أهمية ومكانة القانون في شتى مناحي الحياة، ويمثل في الوقت نفسه فرصة سانحة لتحية القانون وأهله، والتعبير عن الشكر والامتنان لكل من يعمل على صيانته، وتطبيق أحكامه.

ولا شك أنه من دواعي افتخارنا واعتزازنا نحن أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة أن قيادة الدولة، وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، ركزّت جلّ اهتمامها على تعزيز مكانة وسيادة القانون في المجتمع، الأمر الذي أسهم بدرجة عالية في تحقيق قفزات نوعية في التطور والنمو المستدام وفي كافة المؤشرات العالمية.

إن دولة الإمارات العربية المتحدة وفق مقولة صاحب السمو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هي: "دولة العدل والقانون والمساواة بين الناس"، وهي في هذا الصدد تعد أنموذجاً يحتذى به بين كافة دول العالم في إعلاء شأو القانون، وتوفير بنية تشريعية وقانونية تحمي حقوق المستثمرين، والملكية وحرية تحويل رأس المال وغيرها، وسط بيئة مستقرة ومستدامة تعزز مكانة الدولة، كإحدى أكثر الدول استقطاباً للمستثمرين والشركات العالمية في المنطقة.

كما أن هيئة الأوراق المالية والسلع تعد في طليعة الهيئات الجديرة بالاحتفاء بمناسبة اليوم العالمي للقانون؛ ذلك أن مهامها واختصاصاتها تغلب عليها الصبغة القانونية، فإذا جاز لنا أن نعتبر أن الأسواق المالية هي جهة فنية تنفيذية فإن الهيئة تعد بمثابة جهة ذات دور تشريعي ورقابي، تقترح وتصدر الأنظمة والتشريعات المتعلقة بالسوق المالي والمعاملات التي تُجرى به.. وتراقب تنفيذها.. وتتخذ الإجراءات المناسبة بحق المخالفين للأنظمة والقرارات والتعاميم.

وإذا كانت مهمة القانون في الأصل هي "وضع المعايير".. أخذاً في الاعتبار أن القانون سواء كان عاماً أم خاصاَ هو دليل إرشادي للحد الأدنى من السلوك المقبول في المجتمع، وبيان أن الخروج عن الحد الموضوع سيلحق بصاحبه العقوبة.. فإنه انطلاقاً من هذا نستطيع القول أن القانون بشكل عام "مجموعة قواعد عامة مجردة ملزمة تنظم العلاقات بين الأشخاص في المجتمع"؛ فالقاعدة القانونية تختص بأنها عامة ومجردة (تنطبق على الجميع) وهي في الوقت نفسه ملزمة.

والمهمة الأساسية للقانون تتمثل في الحفاظ على النظام؛ فالقانون يوفر النظامَ بما يتفق مع المبادئ التوجيهية للمجتمع، إلى جانب حلِّ المنازعات؛ ذلك أن المجتمعات تضم أفراداً ذوي وجهات نظر مختلفة ورؤى متباينة للأمور، لذلك يوفر القانون وسيلة رسمية لحل النزاعات والبت فيها، لتحقيق العدل، وفق المقولة المشهورة أن "العدالة معصوبة العينين"، وفضلاً عن ذلك فإن جانباً من مهام القانون تتمثل في حماية الحريات والحقوق المختلفة، من الانتهاكات أو التدخلات غير المقبولة من قبل الأشخاص أو المنظمات أو أي جهة.

وفي المقابل فإن غياب القانون في المجتمع، يعني بالضرورة غياب أي قواعد أو لوائح تضمن تنظيم عمل السلطات والدولة والمجتمع، والمعاملات المالية، والنشاطات التجارية، ونظراً لعدم وجود عقوبات رادعة الجريمة فإنه يصبح من المحتم ارتفاع معدلات الجريمة وحوادث السير ويعجز الأشخاص المتضررين عن استرداد حقوقهم من الجناة.

مسألة أخرى ترتبط بما ذكرناه أعلاه ألا وهي التركيز على التوعية بالقانون وكذا نشر القيم الأخلاقية بالمجتمع، ذلك أنه من الأهمية بمكان معرفة الجميع للقانون، وتكشف الممارسة العملية في المجتمعات المختلفة سواء من الناحية الدولية أو المحلية الحاجة الماسة للإلمام والتعرف على القوانين.. لا بل والعِلْم التام بقوانين كل مهنة ودولة يعيش فيها الأشخاص، وذلك لتجنب مخالفتها؛ حيث إننا في مثل هذا الأيام نلحظ تورط كثير من المهنيين ذوى الخبرة في جرائم جنائية نتيجة الجهل بالقانون، كذلك نجد أشخاصاً من أصحاب الحقوق تضيع حقوقهم بسبب جهلهم التام بالقانون.

أخيراً وليس آخراً.. فإننا نؤكد في هذه المناسبة على أن القانون هو وسيلتنا الوحيدة لتحقيق غايتنا الأسمى.. العدالة قبل العدل، ومشروعية القانون وسيادة القانون في مقدمة أولويات حكومتنا الرشيدة، وحري بنا في هذا المقام سواء كنا قانونيين أو غير ذلك أن نفخر بهذا التخصص، وأن نفخر بما يقدمه القانونيون، فالأمر الذي لا مراء فيه أنه إذا ساد النظام، ساد العدل وعمَّ السلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،


شارك هذا المحتوى مشاركة طباعة